النصر يضرب القمة برباعية ويتقدّم بثبات في سباق دوري روشن
الترند العربي – متابعات
إمكانية أي فريق للحفاظ على صدارته لا ترتبط بعدد الانتصارات فقط، بل بقدرته على التعامل مع الضغوط، وامتلاك شخصية البطل في اللحظات التي تكون فيها التفاصيل الصغيرة حاسمة. وفي مباراة شهدت حضورًا جماهيريًا ضخمًا تجاوز 26 ألف متفرج داخل ملعب الأول بارك، نجح النصر في تقديم واحدة من أكثر مبارياته ثباتًا هذا الموسم، بعدما عبر محطة الخليج برباعية مقابل هدف، وتربّع على قمة دوري روشن السعودي للمحترفين في ختام الجولة التاسعة.
جاء الفوز النصراوي مقنعًا في نتائجه وأرقامه، وأيضًا في الطريقة التي أُدير بها اللقاء من البداية وحتى صافرة النهاية، رغم محاولة الخليج تقديم أداء تنافسي، إلا أنّ جودة النصر وحسن إدارته للمباراة منحت الفريق ثلاث نقاط ثمينة عززت رصيده إلى 27 نقطة دون أي خسارة.

بداية قوية ترسم ملامح السيطرة
دخل النصر المباراة بأسلوب واضح، يعتمد على السيطرة المرتفعة والاستحواذ المبكر على الكرة، مع تنويع اللعب بين الأطراف والعمق. بدا من الدقائق الأولى أن فريق المدرب لويس كاسترو جاء إلى الملعب بنية فرض إيقاعه وإجبار الخليج على التراجع الدفاعي. ساهم هذا الضغط في كسر توازن الضيوف بشكل تدريجي، ليبدأ النصر في صناعة الفرص بانتظام، مستفيدًا من تحركات الثنائي جوا فليكس وساديو ماني بين الخطوط.
محاولات النصر الهجومية لم تتأخر كثيرًا، إذ بدأ الفريق في تهديد مرمى الخليج بكرات عرضية وتمريرات بينية قصيرة، قبل أن ينجح فليكس في افتتاح التسجيل في الدقيقة 39 من هجمة منظمة أظهرت الانسجام الهجومي الكبير.

هدف فليكس وأثره التكتيكي
جاء الهدف الأول في توقيت مثالي قبل نهاية الشوط الأول، وهو ما انتقل تأثيره نفسيًا وتكتيكيًا على الطرفين. النصر شعر براحة أكبر في تدوير الكرة والتحكم في نسق المباراة، بينما حاول الخليج امتصاص الصدمة لكنه وجد صعوبة في الحفاظ على تنظيمه الدفاعي.
من الناحية الفنية، كان الهدف الأول نتيجة لعمل جماعي مركب بدأ من خط الوسط بتمريرة مفصلية، ثم تحرك ذكي داخل منطقة الجزاء، وأخيرًا لمسة نهائية لا تصدّر سوى من لاعب يملك جودة أوروبية واضحة. هذا الهدف تحديدًا منح النصر ثقة إضافية في أسلوبه، وأجبر الخليج على فتح بعض المساحات التي استغلها النصر سريعًا.

قذيفة ويسلي التي أرهقت الخليج
بعد ثلاث دقائق فقط، وتحديدًا في الدقيقة 42، أطلق ويسلي قذيفة قوية سكنت الزاوية اليمنى لمرمى الخليج، لتضاعف تقدم النصر وتجعله يدخل إلى غرفة الملابس متقدمًا بهدفين دون رد. الهدف الثاني كان رسالة واضحة أن النصر لن يسمح للخليج بإعادة بناء المباراة في الشوط الثاني بسهولة، وأن الفريق النصراوي يمتلك من الأدوات ما يكفي لفرض تفوقه طوال 90 دقيقة.
القذيفة كانت انعكاسًا مباشرًا للحالة الفنية العالية التي يعيشها ويسلي، وهو لاعب أثبت خلال الجولات الأخيرة أنه ورقة هجومية مؤثرة تضيف للنصر تنوعًا في طرق التسجيل بين التصويبات البعيدة والاختراق من العمق.

هدف الخليج… صحوة لم تغيّر اتجاه المباراة
مع انطلاق الشوط الثاني، نجح الخليج في تقليص النتيجة عبر مراد هوساوي، الذي سدد كرة قوية من خارج منطقة الجزاء في الدقيقة 47. الهدف منح الفريق الضيف دفعة معنوية، وحاول استغلالها بالضغط على النصر في بعض الفترات، إلا أن الفوارق الفنية بقيت كبيرة.
ورغم تسجيل الخليج هدفًا جيدًا، إلا أن النصر لم يدخل في حالة ارتباك، ولم يفقد شخصيته على أرض الملعب، بل تعامل مع الهدف بنضج تكتيكي، من خلال العودة للسيطرة على الكرة وتدوير اللعب وإجبار الخليج على التراجع. هذه القدرة على إدارة ردود الفعل هي أحد أهم ملامح “شخصية البطل” التي تحدث عنها كوليبالي قبل أيام عقب مباراة الفتح.

ماني يُعيد الأمور إلى نصابها
في الدقيقة 77، ظهر السنغالي ساديو ماني ليقضي على آمال الخليج في العودة للمباراة، عبر هدف ثالث سجلته قدمه اليسرى بعد تمريرة سلسة داخل منطقة الجزاء. الهدف جاء بعد فترة ضغط نصراوية أعادت هيكلة المباراة لمصلحة صاحب الأرض، وأكدت أن النصر يمتلك القدرة على حسم اللقاء وقتما يشاء، دون الحاجة للدخول في فترات طويلة من المعاناة.
الهدف الثالث لم يكن مجرد تعزيز للنتيجة، بل كان إيذانًا بعودة النصر لاحترام الإيقاع الذي بدأ به الشوط الأول، ومعززًا لفارق الجودة بين الفريقين، إضافة إلى إنهاء أي آمال للخليج في العودة خلال الدقائق الأخيرة.

العقيدي… حضور ذهني وتصديّات حاسمة
على الرغم من أن النصر كان متفوقًا في أغلب مراحل المباراة، فإن حارس الفريق نواف العقيدي لعب دورًا مهمًا في الحفاظ على هذا التفوق، خاصة بتصديه المهم في الدقيقة 85، حين أبعد كرة خطرة من داخل منطقة الجزاء. التصدي لم يمنع تسجيل هدف فقط، بل منح النصر استقرارًا في الدقائق الحاسمة قبل نهاية اللقاء، وهو ما يعكس تطور الحارس من ناحية الثقة وتركيز اللحظة.
البطاقة الحمراء… ضربة للخليج في توقيت قاتل
تعرض لاعب الخليج كوربيليس للطرد في الدقيقة 90، بعد حصوله على بطاقة صفراء ثانية، ليكمل فريقه المباراة بعشرة لاعبين. الطرد جاء في وقت كان الفريق يحاول فيه تسجيل هدف تقليص أو حفظ ماء الوجه، إلا أن الحالة البدنية والنفسية لم تكن تسمح بالخروج بأفضل مما انتهت عليه المباراة.
مقصّية رونالدو… ختام سينمائي لليلة نصراوية
في الدقيقة 96، أشعل كريستيانو رونالدو المدرجات بعدما سجل هدفًا رابعًا للنصر بطريقة سينمائية عبر مقصية مذهلة. الهدف جاء ليكون مسك ختام للرباعية النصراوية، وليعطي الجماهير لحظة تنتظرها كل أسبوع من أحد أفضل لاعبي العالم.
الهدف ليس مجرد لقطة استعراضية، بل يعكس اللياقة الهائلة للاعب يبلغ 40 عامًا تقريبًا، وقدرته المستمرة على قراءة الكرة وتحديد زاوية التنفيذ بدقة، إضافة إلى التزامه العالي داخل الملعب.
قراءة تحليلية لأداء النصر
على مستوى الأداء الفني، قدّم النصر مباراة متكاملة من حيث السيطرة والضغط العالي والفعالية الهجومية. الفريق بدا متماسكًا في الخطوط الثلاثة، واستفاد من تعدد مصادر الخطورة في التشكيلة، سواء عبر فليكس وماني ورونالدو، أو من خلال تحركات خط الوسط التي أسهمت في إيصال الكرة لمناطق مؤثرة.
دفاعيًا، ورغم هدف الخليج المبكر في الشوط الثاني، فإن خط النصر احتوى الهجمات بشكل جيد، ونجح العقيدي في إنقاذ فرص محققة، بينما ظهرت صلابة دفاعية في التعامل مع العرضيات والكرات الساقطة.
الخليج… محاولة شجاعة لم تصمد أمام الفوارق
قدّم الخليج بعض الفترات الجيدة، وتميز في الضغط المتقدم وصناعة محاولة هدف التعادل، إلا أن الفريق خسر المباراة بسبب الفوارق الفنية والبدنية، وفقد السيطرة على خطوطه في لحظات حاسمة. الفريق لم يملك نفس القدرة على الاحتفاظ بالكرة أو إعادة بناء الهجمة، كما أن إخفاقه في استغلال الدقائق التي أعقبت هدفه الوحيد ألغى فرصته في العودة للمباراة.
إلى أين يتجه النصر؟
بهذا الفوز، واصل النصر مسيرة قوية دون أي هزيمة منذ بداية الموسم، ليؤكد أنه أحد أبرز المرشحين للقب الدوري. الفريق يمتلك التوازن الذي يجعل أداءه مستقرًا حتى مع صعوبة المباريات، إضافة إلى خبرة لاعبيه في التعامل مع الضغوط، وقدرته على التسجيل في أي وقت.
ما هو أبرز عامل في تفوق النصر خلال المباراة؟
امتلاك الفريق لثلاثي هجومي قادر على صناعة الفارق في أي لحظة، وسيطرة كاملة على خط الوسط.
هل قدّم الخليج مباراة سيئة؟
الخليج حاول في فترات معينة ونجح في تسجيل هدف جيد، لكنه لم يمتلك الأدوات الفنية لمجاراة النصر طوال 90 دقيقة.
كيف ظهر رونالدو في اللقاء؟
قدّم مستوى قويًا، وسجل هدفًا سينمائيًا بمقصّية تؤكد جاهزيته البدنية العالية وتأثيره المستمر.
هل النصر يسير بثبات نحو اللقب؟
مبكر الحكم، لكن المؤشرات الفنية تقول إن الفريق يمتلك شخصية البطل، ويملك الأدوات التي تسمح له بالبقاء في الصدارة.
اقرأ أيضًا: قصة إلهام من الباحة.. سبعينية تُتم حفظ القرآن بعد عقدين وتُعيد تعريف معنى الثبات


