5 أسباب تمنع اندلاع “حرب شاملة” بين الهند وباكستان رغم التوترات المتصاعدة

5 أسباب تمنع اندلاع “حرب شاملة” بين الهند وباكستان رغم التوترات المتصاعدة
الترند العربي – متابعات
على الرغم من العقود الطويلة من التوترات، والمواجهات المسلحة، والمناوشات الحدودية، إلا أن الهند وباكستان لم تنزلقا إلى حرب تقليدية شاملة منذ آخر صدام كبير بينهما. وهو أمر قد يثير استغراب المتابعين، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن البلدين خاضا ثلاث حروب دامية منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، أبرزها في منطقة كشمير المتنازع عليها، وكذلك في منطقة “سياشين”، وهي أعلى وأبرد ساحة معركة في العالم.
في الآونة الأخيرة، عاد التوتر إلى الواجهة بعد هجوم مسلح استهدف مجموعة من السياح داخل الأراضي الهندية، واتهمت نيودلهي جماعات مسلحة تدعمها باكستان بالوقوف وراء العملية، وهو ما نفته إسلام آباد بشكل قاطع. ورغم حدة الاتهامات والتصريحات، إلا أن السيناريو التقليدي لحرب شاملة لم يتحقق، وبدلًا من ذلك، اتجه الطرفان إلى التصعيد المحدود، مع الحفاظ على حالة من “الردع المحسوب”.
الردع النووي.. عامل التوازن الأبرز
يكمن السبب الأساسي في هذا “التوازن الحذر” في امتلاك البلدين ترسانات نووية كبيرة. وبحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن كلاً من الهند وباكستان تمتلكان ما يقدر بين 170 إلى 180 رأسًا نوويًا، موزعة على أنظمة إطلاق متعددة، تشمل صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى.
ووفقًا لتحليل أمني من إسلام آباد، يوضح الباحث والمحلل الاستراتيجي سيد محمد علي أن “الأسلحة النووية لدى الطرفين تخلق حالة من التدمير المتبادل المؤكد”، وهي العقيدة النووية التي تجعل من غير المعقول لأي طرف أن يبدأ حربًا واسعة، لأنه يعلم أن الرد سيكون كارثيًا، مما يعزز مبدأ “الردع من خلال الخوف المتبادل”.
ومع ذلك، يظل الوضع حساسًا للغاية، إذ لا يمتلك أي من البلدين القدرة المؤكدة على تنفيذ “الضربة الثانية” – وهي القدرة على الرد النووي بعد تلقي ضربة أولى – مما يزيد من هشاشة الوضع النووي ويجعله أكثر عرضة للأخطاء وسوء الفهم.
كشمير.. جوهر النزاع الأبدي
منذ تقسيم الهند وباكستان، ظلت كشمير هي النقطة المحورية في النزاع. المنطقة التي تقطنها غالبية مسلمة، لكنها تدار إدارياً من الهند، كانت سببًا في اندلاع حربين من أصل ثلاث بين الجارتين.
وتنقسم كشمير حاليًا بين الهند وباكستان، ولكن لا تزال المطالبات المتبادلة بالسيادة الكاملة عليها قائمة. كما أن المنطقة تشهد بانتظام اشتباكات بين الجيشين، وهجمات مسلحة من مجموعات انفصالية، تتهم الهند باكستان بدعمها.
اختلال في ميزان القوى العسكرية
رغم امتلاك باكستان لجيش قوي ومنظم، إلا أن الهند تحظى بتفوق واضح في الجوانب التسليحية والمالية. فقد بلغت ميزانية الدفاع الهندية لعام 2025 حوالي 74.4 مليار دولار، مقابل 10 مليارات دولار فقط خصصتها باكستان للدفاع في نفس العام.
كما تملك الهند ضعف عدد الجنود النظاميين مقارنةً بباكستان، بالإضافة إلى أسطول جوي وبحري أكثر تطورًا، وتعاون عسكري كبير مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل. في المقابل، تعتمد باكستان بشكل أكبر على الدعم الصيني وبعض الشراكات مع تركيا ودول الخليج.
التصعيد المحدود.. تكتيك مشترك لتجنب الانفجار
على الرغم من التوتر المتكرر، يلتزم الطرفان بعدم التصعيد الكامل. فغالبًا ما تُنفذ الضربات العسكرية في أوقات حرجة لتهدئة الرأي العام، أو إرسال رسائل سياسية محددة، دون نية لتوسيع نطاق الاشتباك.
ويجري تنفيذ هذه العمليات في الغالب على طول “خط السيطرة” الذي يفصل أجزاء كشمير، وتُنفذ في أوقات مبكرة من اليوم (ليلاً أو فجراً)، وفي مناطق جبلية أو نائية، لتفادي وقوع خسائر بشرية كبيرة، وإبقاء باب التهدئة مفتوحًا.
ويشير مراقبون إلى أن هذا “التحكم في التصعيد” يمثل نوعًا من التفاهم غير المعلن بين الدولتين، ويعكس وعيًا بخطورة الانزلاق إلى حرب لا يمكن التحكم في عواقبها.
لا نوايا للتوسع أو فرض الهيمنة
على خلاف نزاعات أخرى في العالم، لا تسعى الهند ولا باكستان للسيطرة على موارد الطرف الآخر أو فرض الهيمنة على أراضيه، باستثناء قضية كشمير. العمليات العسكرية التي تنفذها الدولتان غالبًا ما تكون رمزية، وتُستخدم كوسيلة ضغط دون أهداف توسعية.
وتُعد هذه الحسابات جزءًا من معادلة الردع المتبادل التي تمنع نشوب حرب واسعة النطاق، وتحافظ على الاستقرار النسبي في جنوب آسيا.